الخميس، 3 مايو 2018

خاطرة/من ذاكَ الفقيد.


في أول يومٍ لي في القبر تحسست برده القارص حينها قلتُ لنفسي لا بأس ربما سأعتاده لعدّة سنينٍ قادمة عندها سأتخدر تلقائياً،لكن حنيني لأحبتي ووحشتي التي سكنت داخلي منذ أن وضِعت هنا كيف سأعتادها ؟ لن تفلح السنين القادمة بإخمادها بل ستزيدها عليّ كلّما مرّ الوقت. آهٍ كم كان الوداع الأخير سريعاً بقدر ماكان موجعاً، كم كنت أتمنى أن أبكي الفقد مثلهم وأن أصرخ وأُزيل حجم الهلع بداخلي ،كم كنت أتمنى أن أمسك بهم للمرّة الأخيرة لكنني للأسف كنتُ عاجزاً عن فعل أيّ شيء.
كلّ شيء في حياتي مرّ بلحظةٍ واحدة أمامي،لحظة ماقبل الموت فُنيت بها حياتي  وغاب طيفها أمام عيني، لم تأخذ حياتي كثيراً في رزنامة الموت .لو أنني عرفتُ تلك الحقيقة من قبل لما حزنت ولا تحسّرت على شيء. عجباً للموت الذي نعيش عمرنا نهابهُ كيف لايستطيع أن يحجب عنا ذاكرتنا ويشلّ قدرتنا على الإحساس بشيء؟ كيف لجثّة هامدة مثلي أن تشعر بمن حولها؟ كيف للجسد أن يفنى ويموت وتبقى ذاكرته حيّة. آه ما أقساك أيّها الموت.ترى هل مازلتُ حياً؟ لكن لا، جميع من حولي قالوا أنني قد متُّ وتوقف تاريخ حياتي وطبع هذا التاريخ في ورقةٍ نشرت تصديقاً لموتي. في المساء سمعتُ صوت بكاء أحدهم يجلس قرب قبري يبكي بحرقةٍ ..إنه أخي!  أخي الذي لم أراه منذ سنين، شعرتُ بدموعه تحرق وجههُ .إنه يبكي حسرةً على السنين التي مضت وفرقت بيننا طالباً مني المغفرة على قطيعتهُ لي. لا تقلق يا أخي انا أسامحك على بُعدك لي ، لكن لن أغفر لك توقيت مجيئك.. الوقت الذي فقدتُ فيه قدرتي على  عناقك.

بقلم/سارة أبو الشامات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق